أين تسكن السعادة؟
في زحمة الحياة اليومية التي نعيشها وتقلّب أحوالها، كثيرًا ما تتردّد على ألسنة الناس عبارات كثيرة نسمعها : “السعادة في المال”، أو “الصحة هي السعادة”، وربما يقول آخر: “يكفيني راحة البال، فهي السعادة الحقيقية”. لكن حين نتأمل بعمق، سنجد أن السعادة ليست حكرًا على شيء من هذه الأمور، كما أنها ليست وعدًا لهذه الدنيا أصلًا، لأنك حين تمتلك أحد تلك الأشياء ستجد أنك فاقد أشياء أخرى كثيرة، فيصيبك الإحباط حينها. الحياة كما وصفها المفكّر الراحل علي الهويريني تبدأ ببكائك، وتنتهي بالبكاء عليك. عبارة موجزة لكنها تختصر فلسفة الوجود الدنيوي بكامله. إنها ليست دار بقاء، ولا مقرّ سعادة خالدة، بل مجرّد معبر، واختبار، ومحطة قصيرة في الطريق الطويل إلى الخلود. لا خلاف على أن المال مهم، فهو وسيلة لا غنى عنها في تحقيق متطلبات العيش الكريم، لكن الخطأ الشائع هو الظن بأن المال هو الرزق الوحيد، في حين أن أبواب الرزق أوسع من أن تُختزل في الأرقام والأرصدة، أو في بابًا واحدًا تظن أنه هو السعادة كلها. فالصحة رزق، وراحة البال رزق، ووجود الوالدين رزق، والزوجة الصالحة رزق، وصلاح الأبناء رزق، وكل لحظة طمأنينة تعيشه...