الحزن في الإنسان

 الحزن ظاهرة قديمة، بدأ تفاعلها ووجودها، مذ نشأة الكون، وجيل بعد جيل يعبر عن الحزن بكل القدرة التي يستطيع أن يقدر عليها، إذْ أن الحزن، لا بد من أن نفهمه، أو على الأقل نعرف دوره في حياتنا وعالمنا، وكيفية التعامل معه، وكيفية فهمه، والخلاص منه. 

في كل فترة من الزمن، هنالك تعبير وجداني، عن الحزن. 

كما أن الهروب منه، في التعلق بأشياء أخرى، نتجَ عن ذلك، أثر واضح في حضور الحزن، كالكتابة والرسم. 

الحزن لا يمكنه أن يفرَّ منّا، ولا يمكن لنا الفرار منه، المهم والغاية أن نتعامل معه، بكل ما يريد منّا، وبكل القدرة التي من خلالها يمكننا أن نتعاطى معه، دون أن يستنزف طاقتنا، ويحفزنا على التخدر، في عالم يرفض ذلك، ويرفض عدم المواجهة، ولأنه داء، لا بد من التعامل معه.



كيف نفهم الحزن: 

كما قلت سابقًا، لا بد من أن نفهم الحزن، وكيفية التعامل معه

الحزن يمكنك فهمه من خلال معرفة وجوده، ومعرفة حالته، على الأغلب كل روح في هذا العالم، هنالك علاقة وجودية فردية بين الروح والحزن، إذْ أنه يتكون معهم مذ نشأة الإنسان، ويتفاعل مع الإنسان بطريقة ربما لا يفهمها الإنسان. 

إن قلّة معرفتنا وفهمنا للحزن، هو أكثر سبب في انكسارك وضعفك، لأن الحزن يلعب دورًا واضحًا في تكوين الإنسان، وهذا يرجع لكيفية التعامل معه. 



 السبيل للخلاص منه: 

إن التأقلم أحد أهم الأسباب للخلاص من الحزن، حتى في السلوكيات والعادات التي تحاول تحسينها، الـتأقلم يُنسيك هذه العِلّة، التي غير مفهومة أو ليست واضحة في حياتك، فالتأقلم بمعناه هو التعوّد، هو أن تعتاد على سلوك جديد، والتي من خلاله يمكنك التحسّن، الذي يجعلك ترى الاختلاف الإيجابي، من خلال ما أضفته في سلوكك، فالتأقلم دائمًا هو الحل، رغم إنه لم يكن سهلاً، ولن يكون كذلك. 

لأن المحاولة في جعل التأقلم سلوك، هو بحد ذاته مجازفة وعزيمة وإصرار، الذي من الممكن والسهل أن يجعلك تحبط عن ذلك، ومن الصعب جدًا أن تجعله سلوك واضح واعتيادي في حياتك، ولكن نتائجه لم تكن عاديّة، إنها ذات أثر إيجابي مزمن، وهذه حقيقة. 



ظاهرة الحزن في الشعر العربي الحديث: 

هنالك ورقة بحثية قصيرة للدكتور أحمد سيف الدين بعنوان: ظاهرة الحزن في الشعر العربي، وفي الحقيقة هنالك مساهمة واضحة في تجسيد هذه الحالة المعاصرة في الشعر العربي الحديث. 

في المقدمة يقول: "الحزن ضد السرور، وهو حالة نفسية تصيب المرء لفترة زمنية تطول وتقصر، وتتفاوت في شدتها ووطأتها بين إنسان وآخر. والحزن يشكل سمة تطغى على العديد من القصائد، وتنتشر في أعمال العديد من أعلام الحداثة. وقارئ الشعر الحديث يلحظ أن تلك الظاهرة ليست وفقاً على شاعر بعينه، كما أنها ليست محصورة في مجموعة شعرية دون سواها، بل تكاد تكون سمة ملازمة لمعظم الإنتاجات الشعرية الحديثة، وإن كانت تتفاوت في حدتها بين شاعر وآخر، أو بين قصيد وأخرى. لكنها وبكل الأحوال لم تعد وقفاً على حدث ما أو ظرف طارئ يلم بهذا الشاعر دون سواه، بقدر ما هي ظاهرة مضطردة نقع عليها في العديد من القصائد الشعرية."  

كما أن البحث هو منهج وصفي تحليلي، يُشرّح هذه الحالة المعاصرة، والتي من الملائم أن تلاحظها، وتفهمها.

عن أسباب حضورها وانتشارها، والأسباب الموضوعية ذات الصلة المباشرة التي تربطنا بالواقع المعيشي، في الحقيقة لا يتسع الأمر أن يُذكر، ولكنه هام ودراسة تفصيلية جيدة واضحة. 



الحزن والرواية: 

إن الرواية كما هو معلوم عنها، إنها تجسيد المشهد للواقع والحياة، وكيفية معرفة تاريخ هذه المنطقة وواقعها. من خلال الرواية، تتيح لك أن تسكن هذه العوالم. 

كما أن هنالك نموذج تتشارك به معظم الروايات، والتي غير من المستغرب أن تجد هذا النموذج، إنه يعتكف في الرواية، كما أن لوجوده لا بد من حضور. 

إن الرواية أصبح نموذجها الواضح، هو التعبير عن الحزن كقضية مجتمعية، وكمآسي يعيشها المجتمع، وكصوت واحد يتشاركون به، إنه الحزن أصبح نموذجها في التعبير عن المجتمع، كمشهد يسكنون به. 



هل العلاقات سبب في الحزن؟: 

إن العلاقات جزء مننا، وجزء من تكويننا، وجزء من تطويرنا، وجزء كبير من حياتنا. 

إذ أن التواصل هو العامل الغالب المشترك بيننا، ولا بد من إدارة، تُراعي هذه الإدارة، لأنه لا يُستهان بهذا الأمر، كما أن العلاقات سبب كبير في حزن الإنسان، لأنه غالبًا من حزن الإنسان يأتي من الطرف الآخر، والذي كان في عوامل مشتركة بينهم، وتواصل واضح يحتضنهم، من المهم مراعاة هذا التواصل. 


الحزن والإبداع: 

هنالك علاقة واضحة بين الحزن والإبداع، ويمكن أن نطلق عليها" علاقة تكاملية" إذْ أن ظهور أحدهم وتفاعله، لا بد من ظهور الطرف الآخر وتفاعله كذلك. 

كثير من العلماء والأدباء والفلاسفة، كانوا يشعرون بوجود هذه العلاقة الواضحة، والتي سبب في الإبداع والإنجاز، وأعتبرها طاقة مخزونة في روح كل إنسان، إذا وِجدت هذه العلاق، والطاقة لا بد من أن تُفرّغ، بشكل إبداعي على الأقل.

كما قالت غادة السمان: فالإبداع زهرة نادرة، تنمو وسط الهشيم والرعب والقسوة، وتنمو في المناخات كلها!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بناء العادات

فن التعبير وأداة التواصل

بوصلة الذات