مفهوم العزلة

 إن مفهوم العزلة الدارج بين العوام، هي اختلاء النفس بالنفس، دون تدخل أحدهم. 

كما أنها حالة من الانعزال الذاتي، بمعنى عدم وجود اتصال مع الناس، غايتها التركيز على النفس، والتركيز على هدف، تم وضعه قبل الشروع في هذه الخلوة. 

إن العزلة بمفهومها الدارج بين العوام، هي الانفصال عن الواقع، وما يحدث به من مشاهد وأحداث، من الممكن مغادرتها وعدم التعاطي معها، لأنها مشاهد ثانوية بالنسبة إليك، ولا تُمثّل أهميّة لديك، وعلى الفرد الآخر، غالبًا. 

إن الحديث عن العزلة، كمفهوم عالمي، الأصل في الحديث عنه، هو التحدّث عن تجربتك الذاتيّة المستقلة مع العزلة، هذا هو المغزى. وليس المغزى التعاطي مع تجارب العوام في الحديث عنها، من خلالهم، ومن خلال تجاربهم الذاتيّة. 

كانت العزلة، ملجأ التائهين، الباحثين عن ذواتهم في هذا العالم الواسع، لكنني لم أجعل هذا الأمر على محمل الادراك والحقيقة، حتى خضت هذه التجربة الأكثر من كونها مجرد مفهوم هامشي يعيش في أذهان العوام ويسكن بها، ويتداولها فيما بينهم، أو ما بينه وبين نفسه. 

كما يجب من بين والآخر؛ هو أن تجعلها سلوك في حياتك، بمعنى جعلها عادة سنوية على الأقل، أي ترك كل ما هو منشغل به قبل ذلك، والتفرغ لنفسك أولاً، ومن ثم الأشياء التي من الممكن أن تعزّز لياقتك النفسية والجسدية والعقلية، والتفرغ كذلك بما هو ليس مضرًّا على الخلوة التي أنت بها، لأن كثرة الانشغالات بها، ليس خلوة، بل العكس تمامًا أنت عدت إلى ماضيك بما فيه من ازدحام وانشغالات، المهم أن تهدأ النفس، وتعود إلى عالمِها، بما فيه من غياب طويل وأحاديث لم تنصت لها بعد. 

هنالك عزلة أو فكرة جديدة تنضم، لهذا المفهوم الواسع لوحده، وهي العزلة عن الانغماس في برامج التواصل الاجتماعي، وهي مهمة بين حينٍ وآخر فعل هذه العادة، التي لا بد منها حقيقة. 

خصوصًا مع الأوقات الهائلة التي من يومنا وأيامنا، تذهب لهذا الانفجار التقني العظيم الذي سبّب، وغيّر أشياء كثير في حياتنا، كان من الصعب جدًا أن تتغير بهذا الوقت القصير، والذي بسببه حدث كل ما يمكن ألّا يحدث. 

كما أن العزلة، عملّية تهذيب للمشاعر، والأفكار، والسلوكيات، وتهذيب أيضًا لطريقة التفكير الجيّد. 

كانت العزلة ملاذًا ومصدرًا للترفيه لكثير من العوام، إذْ أنها لا تُكلّف الكثير، ولكنها تأخذ الكثير. 

عرّفتها العزلة بمعناها الذاتي، "حنة آرنت" حيث ترى { أن العزلة تتحقق عندما لا يكون الشخص مع ذاته ولا بصحبة الآخرين، وإنما مشغولاً بشئون العالم.} 

وهذه نظرة مختلفة تمامًا عن الطرح الذي ذكرته، ولا تمت له بتاتًا، ولكنها نظرة أيضًا ذات صوابًا جيدًا، وتحقيق هدف أخلاقي مهم ونافع، بالاهتمام بشؤون العالم، وإيجاد حلول ومفاهيم، من الممكن نفع هذا العالم، بما فيه.  

هنالك مفهوم يجب التركيز عليه، لا بد من الاهتمام بأهمية العزلة الإيجابية، حتى لا يكون هنالك تعطيل في بعض المشاريع الحياتية والاجتماعية، لأن بذلك ليس هنالك فائدة مرجوة من كل ذلك العمل الذي قمت به.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بناء العادات

فن التعبير وأداة التواصل

شذرات في الحب