المشاركات

عرض المشاركات من مايو, 2025

عودة إلى الذات

 في غياب من حولك والانفراد بذاتك دون أن يكون هنالك شيء من التأثيرات الخارجية، وحين تهدأ الحياة وتهدأ أنفاسك ويهدأ كل شيء حولك، تكتشف أن هنالك شيء أعمق من كل ما تراه في تفاصيل أيامك الماضية، تكتشف أن هنالك سرُّ غائب عنه أنت، سوف تكتشف أن هنالك حديثًا آخر لم تنصت له بعد، حديث يبدأ حين تسكت، وتفهمه حين تصغي، وتعيه حين تعود لنفسك بعد طول غياب. إنه الصمت. الصمت ليس خلوًا، بل هو امتلاء من نوع نادر، امتلاء بالبصيرة، باللحظة، بالوجود. هو ليس ذلك الفراغ الذي يهرب إليه منه الناس، إنه القيمة الغائبة عنّا، بل هو المساحة التي تُصقل فيها الأرواح وتصفو فيها الرؤى. الصمت يضعك بنقاشٍ مع ذاتك، مواجهةٌ مع نفسك، حديثٌ طويل يعتريكم، تخرجُ بفائدةٍ عظيمة، وحكمةٌ بصيرة، ومعرفةٌ قيّمة لذاتك.  في الصمت تتغيّر أفكار، تُرمّم جروح، تُولد قرارات، ويُعاد ترتيب الداخل بلا ضجيج. هنا يأتي الصمت، لا ليُسكت الخارج، بل ليعيد ترتيب الداخل. حين يفيض الصمت عن احتماله، ويتحول إلى كلمات. كلمات لا تُكتب ليرى الناس كم نحن مختلفون، بل تُكتب لأن أرواحنا تحتاج أن تقول شيئًا دون أن تصرخ. تُكتب لأننا لو لم نكتب، سنختنق. احتض...

هل يمكن أن تنجح بلا أهداف ؟

يعيش كثير من الناس في دوامة البحث عن النجاح والوصول إليه، ويتساءلون: هل لا بد من رسم أهداف للوصول إليه؟ الحقيقة أن وضع الأهداف ليس رفاهية، بل هو ضرورة حتمية قاعدة أساسية لأي نجاح، سواءً كان على مستوى ذاتك أو من خلال عملك المهني.  حين تكون وجهتك محددة ومرسومة، يكون الطريق أوضح، والخطوات أدق، والجهد أكثر تركيزًا. فمعرفة ما تريد تحقيقه هو بمثابة نصف الإنجاز، ويبقى الجزء الآخر مرهونًا بالإرادة والمثابرة والعمل المستمر. الأهداف لا تمنحك فقط وجهة، بل تُنير الطريق أمامك. فهي تُبعدك عن التشتت، وتمنحك وضوحًا ذهنيًا، وتجعلك تميز بين المهم وعكس ذلك، وبين ما يدفعك للأمام وما يعيقك للوصول.  ومن أعظم ما في تحديد الأهداف أنها تبقيك في حالة دافعية مستمرة، لأنك تعرف لماذا تعمل، ولأجل ماذا تصبر، ولأي نتيجة تسعى. كما أنها تساعدك على المراجعة الدائمة والتقييم الذاتي: هل تسير في الاتجاه الصحيح؟ هل اقتربت أم ما زلت في أول الطريق؟ العقبات أمر وارد، والإحباطات جزء من المسيرة، لكن حين يكون لديك هدف واضح وخطة مرسومة، فإنك تمتلك القدرة على التماسك، وعلى التعامل مع العوائق لا باعتبارها نهاية، بل فرصًا لل...

الكتابة كفعل نجاة

في هذا الضجيج الطويل والممتد من شاشات الأجهزة إلى ازدحام الفكرة، تصبح الكتابة ليست مجرد وسيلة للتعبير، بل طوق نجاة نلقي به لأنفسنا قبل أن نلقيه للعالم، نكتب لنعلم ونتيقّن أن الكتابة فعلُ نجاة، ومهربٍ وآمن، لا يضرُّ ولا يندمُ المرء بالاحتفاء بها، هذه هي الكتابة.  نكتب لا لنعلم، بل لنفهم كل شيء حولنا، وكل شيء يمكن لنا أن نعرفه، تلك جوهرة الكتابة.  نكتب لا لنُعلّم، بل لنتصالح مع أجزاء مبعثرة في دواخلنا، نكتب لنعلم أن الكتابة هي الحل والجواب، في هذه الأسئلة التي تحيط بنا.  الكتابة فعلُ إعادة تشكيل. نأخذ الألم ونعيش به بالحروف، نأخذ من الذكرى مهربًا، ومن الحنين نافذة، ومن الغضب حوارًا مؤجلًا على ورقٍ يُطال به الانصات إليه.  حين نكتب، نُمارس حقّنا في الانصات، في التأمل، في الخروج من نسق السرعة الذي يفرضه العالم. في زمن التشتت، تصبح الكتابة فعل مقاومة.  أن تُنصت لداخلك، أن تمنح الفكرة وقتها لتنضج، أن تعود للنص كأنك تعود لوطنٍ مؤقت، هذا كله فعلٌ من أفعال البقاء. لا أعرف كيف ينجو الذين لا يكتبون. ربما وجدوا وسائلهم، لكننا نحن الذي نعيش هذا الشعور التي تمنحها الكتابة لنا،...