عودة إلى الذات
في غياب من حولك والانفراد بذاتك دون أن يكون هنالك شيء من التأثيرات الخارجية، وحين تهدأ الحياة وتهدأ أنفاسك ويهدأ كل شيء حولك، تكتشف أن هنالك شيء أعمق من كل ما تراه في تفاصيل أيامك الماضية، تكتشف أن هنالك سرُّ غائب عنه أنت، سوف تكتشف أن هنالك حديثًا آخر لم تنصت له بعد، حديث يبدأ حين تسكت، وتفهمه حين تصغي، وتعيه حين تعود لنفسك بعد طول غياب. إنه الصمت. الصمت ليس خلوًا، بل هو امتلاء من نوع نادر، امتلاء بالبصيرة، باللحظة، بالوجود. هو ليس ذلك الفراغ الذي يهرب إليه منه الناس، إنه القيمة الغائبة عنّا، بل هو المساحة التي تُصقل فيها الأرواح وتصفو فيها الرؤى. الصمت يضعك بنقاشٍ مع ذاتك، مواجهةٌ مع نفسك، حديثٌ طويل يعتريكم، تخرجُ بفائدةٍ عظيمة، وحكمةٌ بصيرة، ومعرفةٌ قيّمة لذاتك. في الصمت تتغيّر أفكار، تُرمّم جروح، تُولد قرارات، ويُعاد ترتيب الداخل بلا ضجيج. هنا يأتي الصمت، لا ليُسكت الخارج، بل ليعيد ترتيب الداخل. حين يفيض الصمت عن احتماله، ويتحول إلى كلمات. كلمات لا تُكتب ليرى الناس كم نحن مختلفون، بل تُكتب لأن أرواحنا تحتاج أن تقول شيئًا دون أن تصرخ. تُكتب لأننا لو لم نكتب، سنختنق. احتض...