حين ترتبنا الفوضى

ليس ترتيب الأشياء هو الوقود للإنجاز والعمل بأكثر مرونة واحترافية، هنالك الفوضى قادرة على الإنجاز، بعض الفوضى تمنحنا الإلهام وتجعلنا نرى زوايا لم نراها من قبل وتوقظ فينا أشياء خامدة، الفوضى هي حالة من الترتيب التي لا تشعر بها ولا ترى نتائجها. 

حتى في فوضى المشاعر، قد نمر بأيام لا نعرف الشعور فيها لا نميز بين الفرح والحزن بين القلق والهدوء بين المعنى وعكس ذلك، لكن بعد وضوح المشاعر وكيفية التعامل معها ومعرفتها، ستجد أنها أنضجتك وقدرت على أنن تخرج أجمل ما لديك.

وكذلك فوضى الأماكن التي كثير من الكُتّاب والفلاسفة يجدون متعةٌ كبيرة بها فوضى الأوراق والكتب، وكأنها تشبه شخصية ساكنها، تعبر عن شخصيته العبثية التي تحتاج ترتيبًا أكثر من فهمها هذه الشخصية. 

إن الكثير من الأفكار العظيمة والإبداعية في العالم، لم تأتِ من ترتيب مسبق وجاهزية عالية، بل أتت من فوضى وأشياء لم يُحسب لها، أوقات عشوائية كلمات عابرة، أحدثت هذه الحداثة في عالمنا.

وفي قراءةٍ أخيرة للفيلسوف الشهير فريدريك نيتشه متحدثًا عن الفوضى في كتاباته ومدحها على أنها تخرج النور ما بداخلك وتعزز لديك وضوح الأفكار واستيعابها، أكثر من القراءة الاعتيادية لها، وهذه دلالة على أن الفوضى عندما تعيش بيننا أكثر منطقية، ليس بها شيءٍ يدعوا إلى ريبها. 

في النهاية، عليك أن تعيش في هذه الفوضى، دون المبالاة لترتيبها وفهمها، عش وسط هذا الضجيج دون الإنشغال بتحسينه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بناء العادات

بوصلة الذات

فن التعبير وأداة التواصل