لغة الطمأنينة

إن الشعور بالسلام في حياتنا، أصبح ضرورة مستمرة لأجل وضوح الأشياء من حولنا، ولأجل تهذيب النفس وتحسينها عن كل ما يحدث في حياتنا من تفاعلات حياتية يومية نواجهها، ومن ضمن هذه الأشياء التي أُمارسها بشكلٍ مستمر، هي القراءة والكتابة. 

إن القراءة والكتابة هي سلامٌ لا يُرى ولا يُلمس، سلامٌ يتسرّب إلى الروح من بين السطور ومن تحت أصابعنا حين نمسك بالقلم. ليس سلام المدن ولا هدوء الطرقات، بل سلام داخليّ يشبه الهمس، يمنحنا القدرة على الاستمرار وسط ضجيج الحياة.

حيث أن القراءة ليست مجرد هواية أو وسيلة للمعرفة، بل طريق خفيّ يفتح أبوابًا لم نطرقها يومًا. كل كتاب هو رحلة إلى عوالم أخرى، إلى عقولٍ وأفكار وتجارب لم نعشها لكننا نشعر بها. حين نقرأ، نخرج قليلًا من ضيق اللحظة لنطلّ على أفق أوسع، فنكتشف أن قلقنا ليس أبديًا، وأن أحزاننا ليست وحيدة.

أما الكتابة فهي الطريق الموازي، الذي لا يُقلّ شأنًا عن القراءة. إنها البوح الآمن الذي يحرر ما نحمله في داخلنا، دون خوف من حكم الآخرين أو سوء فهمهم. الكتابة تسمح لنا أن نرتب فوضانا الداخلية، أن نحول الأسئلة الثقيلة إلى جُمل، والذكريات الموجعة إلى حروف أخف وزنًا. وكلما كتبنا، وجدنا أننا نقترب من أنفسنا أكثر، ونصالحها أكثر.

حيث أن الكتابة ليست طريقًا اختياريًا، بل هي من تختارنا، الغريب أن هذه الطرق — القراءة والكتابة — لا تحتاج إلى ضجيج ولا جموع. إنها تمارس في عزلة صامتة، لكنها تُثمر حياة أوسع وعلاقات أعمق مع العالم والناس. فهي تمنحنا مرونة في فهم الآخرين، وتفتح داخلنا مساحة للتسامح والتعاطف، لأن من يتذوق سلام الكلمة، لا يُفرّط بسهولة في صراعات لا جدوى منها.

إن السلام الذي نبحث عنه جميعًا قد لا يكون في مكان بعيد، ولا في انتصار كبير. ربما هو في جلسة هادئة مع كتاب، أو في لحظة نكتب فيها جملة صادقة تُشبهنا. هناك، في هذا البساط البسيط، يكمن السلام الذي لا يراه أحد، لكنه يغيّرنا من الداخل.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بناء العادات

بوصلة الذات

فن التعبير وأداة التواصل