القراءة وبناء المعرفة
القراءة عالمٌ يتّسع للجميع، بكل ما يحملونه من تناقضاتٍ واختلافات، فهي تعتنق الإنسان كما هو، لا ترى فيه نقصًا ولا تعيب فيه تأخرًا. إنها الأم الحانية التي تمنح ولا تنتظر، أنيسةٌ للروح، ومرفأٌ تتسع فيه الخيالات وتتهيأ فيه العوالم الخلّابة. ومن نافذتها نطلّ على عوالم أخرى؛ حضارات وثقافات ودهور من الماضي والحاضر، تتداخل في صفحاتٍ تُبنى بها المعرفة وتتوسع، كأن القراءة جسرٌ يمضي بك نحو آفاق جديدة لا حدود لها. ومن خلال القراءة يتشكل التفكير على نحوٍ أوضح وأعمق، وتتهذب ردّات الفعل في انسجام مع اللحظة التي نعيشها. إنها أداةٌ تحرك العقل والذاكرة، وتجرّك نحو الإبداع والسعة والجمال الذي نفتقده في صخب هذا العالم. وليست مجرد هواية نمارسها حين يفيض الوقت، بل هي حالة من الجد والاجتهاد، تحتاج إلى حقّها الكامل دون تقصير أو تهاون، لأن أثرها يمتد إلى طريقة فهمنا وتحليلنا للأحداث، وإلى جودة حياتنا العلمية والعملية. والمعارف التي نكتسبها عبر القراءة تتحول إلى بذورٍ تُنبت معرفة جديدة، فتنشأ منها الأفكار وتتداولها العقول ويتسع بها العالم. ومع كل كتابٍ يُقرأ، يمتلئ الإنسان بأحاديث ورؤى تدفعه إلى التعبير والكتاب...