كتابة المذكرات اليوميّة
كنت منذ قديم وأنا أمارس العمليّة الكتابيّة في المذكرات اليوميّة والتزاماتها، حيث إنها مهلكة من حيث الالتزام بها، لأنها بالنسبة على مستوى العالم، فأنها مفهوم ومصطلح حداثي بحت، من حيث الممارسة الكتابيّة، ولو أنها كانت شائعة قديمًا بقلّة إلّا أنها لا زالت فكرة أو ممارسة حداثية بحتة.
على الصعيد الشخصي، كانت أكثر علاجًا في الكثير من المشاعر التي تصيب المرء، ولا يعرف كيفيّة التعاطي معها، بشكل أكثر صوابًا.
لأنها أكثر إنصاتًا، في عالم لا ينصت إليك، أكثر إيلامًا واهتمامًا بما يحدث معك، وكأنها علاج نفسي أكثر حضورًا في روح الإنسان.
إلّا إنها، لا زالت حديثة في ممارستها، في هذه الأيام تجاوزت عامًا كاملاً من ممارستها، فالحديث عنها لا يَمل ولا يكبوا، لأنها أحاديث شعوريّة، ماتعة ولذيذة في الحديث عنها.
مع مرور الأيام، ينسى المرء تلك الأحداث السعيدة والحزينة، إلّا أن تدوينها، يجعل من النسيان أمرًا قليل حدوثه، ونادرًا أن يحدث.
فلا بد للمرء أن يدوّن أيامه، وتفاصيلها، وأحداثِها، حتى لا ينساها مع مرور الوقت.
لأنها تصبح ذكرى حيّة في ذهنك وروحك ومشاعرك، والذكريات الحيّة، لا يمكن أن تنساها أو تتناساها.
لأنها لا تفقد بهجتها ولذتها، تبقى ساكنة في نفسها، ولا يمكن فقدانها ذلك.
إن الذكريات اليوميّة أراها بشكل خاص، علاج نفسي، لأنها سلوك يوميّ مقوّي للصحة النفسيّة، لأن تدوين الأحداث والمشاعر والأفكار بشكل يومي يُساعد على الهدوء والتوازن وزرع الثقة في يومك وأيامك.
كما أن الأيام التي تمر في حياتك، مع مرور الوقت يصبح كل يوم، له ثمن ومنزلة خاصة، باعتقادك.
لأنك تبدأ تؤمن به، ولا يمكن لك أن تفرّط به، سيصبح أكثر اهتمامًا به، والاعتناء فيه.
إن كتابة المذكرات اليومية، لها مذاق خاص، ونسيج شاعري لذيذ، كما لو أنك تُحادث محبوبك دون أن تتوقف، ودون أن تنصت إلى ليس مهمًّا. هنالك شعور لا يمكن له أن يوصف من جماليّته وروحه الخلّاب.
إنها ترمّم الأحاديث المكتومة وتساعد على خروجها من روح الإنسان، إنها أنيس للإنسان في عالم التعاسة والكآبة.
كما أنها تساعدني على إيجاد وخلق معنى، ترجع إليه عندما تكون ضائعًا في غياهب الحياة الواسعة.
تعليقات
إرسال تعليق