حين تكتب الذات نفسها
كثيرًا من أوقاتنا لحظات يملؤها الصمت الطويل، والانصات الذي لا يشبهه انصات آخر، وأنت تجلس مع ذاتك، تنظر إليها وتُحاكيها وتنسجُ خيالاً معها، ليس للكتابةِ عن الحياة وماهيتها، بل الكتابة عن ذاتك وعمقها الذي لا يعرفه أحدًا سوى أنت. عند رؤية مثل هذه المشاهد واللحظات تراها عادية، ولكنها تحمل في داخلها جوهرة وجودية ذات أثرٍ وعمقٍ بليغ، فالذات حين تقرر أن تكتب نفسها، فإنها تدخل في مواجهة مباشرة مع حقيقتها. فهي أسئلة عالقة منذ زمن بعيد، تكتب عنها وتناقشها، تكتب عن طفولتك، عن الطفل الخائف أو المراهق المتسائل، ثمّة أشياء كثيرة يمكنك الكتابة عنها. هي نافذة إلى ذاتك القديمة، إلى لحظاتها البسيطة اتي كانت تدور حولها البراءة والنظرة القصيرة التي كنت عليها. الكتابة عن الذات ليست ترفًا أدبيًا، ولا مجرد تمارين نفسية، بل هي أشبه ما تكون بفعل تطهير داخلي. عبرها، نُخرج ما علق بنا من الكلمات غير المنطوقة، من المشاعر المؤجلة، من المواقف التي لم نجد لها يومًا تفسيرًا. نكتب لأننا لم نُمنح دومًا فرصة للبوح. نكتب لأننا خُلقنا في عوالم تُقدّس الصمت وتخشى المواجهة. نكتب لأننا نحتاج أن نعرف: من نحن؟ وكيف و...