المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, 2025

حين تكتب الذات نفسها

كثيرًا من أوقاتنا لحظات يملؤها الصمت الطويل، والانصات الذي لا يشبهه انصات آخر، وأنت تجلس مع ذاتك، تنظر إليها وتُحاكيها وتنسجُ خيالاً معها، ليس للكتابةِ عن الحياة وماهيتها، بل الكتابة عن ذاتك وعمقها الذي لا يعرفه أحدًا سوى أنت.  عند رؤية مثل هذه المشاهد واللحظات تراها عادية، ولكنها تحمل في داخلها جوهرة وجودية ذات أثرٍ وعمقٍ بليغ، فالذات حين تقرر أن تكتب نفسها، فإنها تدخل في مواجهة مباشرة مع حقيقتها. فهي أسئلة عالقة منذ زمن بعيد، تكتب عنها وتناقشها، تكتب عن طفولتك، عن الطفل الخائف أو المراهق المتسائل، ثمّة أشياء كثيرة يمكنك الكتابة عنها. هي نافذة إلى ذاتك القديمة، إلى لحظاتها البسيطة اتي كانت تدور حولها البراءة والنظرة القصيرة التي كنت عليها.  الكتابة عن الذات ليست ترفًا أدبيًا، ولا مجرد تمارين نفسية، بل هي أشبه ما تكون بفعل تطهير داخلي. عبرها، نُخرج ما علق بنا من الكلمات غير المنطوقة، من المشاعر المؤجلة، من المواقف التي لم نجد لها يومًا تفسيرًا. نكتب لأننا لم نُمنح دومًا فرصة للبوح. نكتب لأننا خُلقنا في عوالم تُقدّس الصمت وتخشى المواجهة. نكتب لأننا نحتاج أن نعرف: من نحن؟ وكيف و...

بوصلة الذات

في زحمة الأيام، وكثرة الانشغالات، وتسارع وتيرة الحياة المرعب الذي لا يجعلك في موقفًا تستمع به لذاتك، تضيع أحيانًا أكثر الأشياء عمقًا فينا. نمضي كمن يسير على عجل، نخوض التجارب، نلاحق الأهداف، ونبحث عن الرضا في أعين الآخرين، بينما نصمّ آذاننا عن أصدق صوت في داخلنا، هو صوتنا الداخلي الذي أراه هو البوصلة لذاتك، وهو الدليل في داخلك حين تضيع.  ذلك الصوت الهادئ والحدس، الذي لا يُجامل ولا يترك محلاً لذلك، هو لا يعلو ولا يصخب، لكنه حاضر دومًا، ينتظر فقط أن نجلس مع أنفسنا بصدق لنسمعه. في عالم يُعلّمك كيف تُرضي الآخرين، لكنه نادرًا ما يُعلّمك كيف ترضى عن نفسك، يصبح صوتك الداخلي دليلك الوحيد في طريق العودة إليك. بين كل فكرة وأخرى، وبين كل لحظة اختيار، يوجد ذلك الصوت الخافت، يرشدك لا بدافع المصلحة، بل بدافع الحقيقة. لكن لا بد أن تمنحه الفرص، أن تصغي إلي، أن تحترمه، حتى لو خالف ما يقوله الجميع. في كل تجربة تمرّ بها، في كل خطأ ترتكبه، في كل ندمٍ يوقظك، هناك رسالة، وهناك فرصة للنضج. فلا شيء يُعدّ ضياعًا حين تكون على صلة حقيقية بذاتك، ولا وقت يُهدر، ما دمت تتعلّم من صوتك، لا من ضجيج الآخرين.