المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, 2025

لماذا أصبحت العزلة ضرورية أحيانًا ؟

في عالمٍ يزداد ازدحامًا بالصوت والصورة والكلمة، أصبحت العزلة خيارًا حتميًا لا رفاهية. العزلة لم تعد تعبيرًا عن الضعف أو الهروب من التواصل الاجتماعي، والانغماس بالحياة الروتينية التي تؤدي إلى الملل والانصات الطويل غير المفيد، بل تحولت إلى أداة للنجاة الفكرية والنفسية وسط ضجيج وازدحامًا لا ينتهي. نحن نعيش اليوم في زمنٍ يعج بالتواصل السريع والمعلومات المتدفقة بلا انقطاع، وفي هذا الزخم، تغدو العزلة لحظة استرداد للنفس، كأنها عملية إنقاذ عقلية لاستعادة ما يفلت منا من تفكير هادئ وتأمل عميق. الصمت الذي كنا نراه فراغًا أصبح الآن ضرورة لترتيب الفوضى الداخلية التي تخلفها الضوضاء المستمرة، العزلة التي نحتاجها اليوم ليست انسحابًا من المجتمع، بل انسحابًا واعيًا من تشتت الحواس والأفكار، بل هي اختيار مؤقت للتواصل مع الذات بدلاً من العالم، لإعادة ضبط الإيقاع الداخلي بعيدًا عن الضغوط الخارجية. إنها مساحة خالية من مطالب الآخرين، من معايير المقارنة، ومن صخب الأخبار، تتيح للإنسان أن يسمع صوته الحقيقي من جديد. العزلة ليست فقط راحة للروح، بل مختبر للأفكار. أعظم التحولات الفكرية عبر التاريخ وُلدت في لحظات عزل...

الكتابة اليومية

تعد الكتابة اليومية وممارستها وسيلة فعّالة لتطوير عملية الأسلوب والتواصل مع الذات والتفكير بعمق في تجاربنا وأفكارنا ومشاعرنا التي تحتاج منا الكثير في العيش بداخلها وفهمها، لمعرفة كيفية اتخاذ القرار في جميع مجالات الحياة العملية والعلمية، فهي التي ترشدك وتعلمك عن مدى صحة قرارك وهل هو مناسبًا في الوقت الذي وضعته  حيث أن الكتابة بشكل يومي تعلمنا فكرة الالتزام وأهمية ممارسة عادة تصقل عدة مهارات في آن واحد، فعندما نكتب بشكل منتظم، نخلق مساحة للتأمل في حياتنا، مما يعزز قدرتنا على فهم أنفسنا بشكل أعمق، إن الكتابة تساعدنا على تنظيم مشاعرنا، وتحديد أهدافنا، وتحليل التحديات التي نواجهها، بالإضافة إلى ذلك، تساهم في تطور الوعي الذاتي، إذ نجد أننا في كل مرة نكتب فيها، نقترب أكثر من فهم مواقفنا وأفكارنا، تصبح الكتابة بذلك أداة قوية للنمو الشخصي، تُشجعنا على تحقيق التوازن الداخلي وتحقيق السلام النفسي كلما استمرت هذه العادة، زادت قدرتنا على التعامل مع ضغوط الحياة بشكل أفضل، بل وأصبحنا أكثر مرونة في مواجهة التحديات، الكتابة تصبح، مع مرور الوقت، مرآة لرحلتنا الشخصية، حيث نتمكن من رصد تطورنا في التفك...

حين تكتب الذات نفسها

كثيرًا من أوقاتنا لحظات يملؤها الصمت الطويل، والانصات الذي لا يشبهه انصات آخر، وأنت تجلس مع ذاتك، تنظر إليها وتُحاكيها وتنسجُ خيالاً معها، ليس للكتابةِ عن الحياة وماهيتها، بل الكتابة عن ذاتك وعمقها الذي لا يعرفه أحدًا سوى أنت.  عند رؤية مثل هذه المشاهد واللحظات تراها عادية، ولكنها تحمل في داخلها جوهرة وجودية ذات أثرٍ وعمقٍ بليغ، فالذات حين تقرر أن تكتب نفسها، فإنها تدخل في مواجهة مباشرة مع حقيقتها. فهي أسئلة عالقة منذ زمن بعيد، تكتب عنها وتناقشها، تكتب عن طفولتك، عن الطفل الخائف أو المراهق المتسائل، ثمّة أشياء كثيرة يمكنك الكتابة عنها. هي نافذة إلى ذاتك القديمة، إلى لحظاتها البسيطة اتي كانت تدور حولها البراءة والنظرة القصيرة التي كنت عليها.  الكتابة عن الذات ليست ترفًا أدبيًا، ولا مجرد تمارين نفسية، بل هي أشبه ما تكون بفعل تطهير داخلي. عبرها، نُخرج ما علق بنا من الكلمات غير المنطوقة، من المشاعر المؤجلة، من المواقف التي لم نجد لها يومًا تفسيرًا. نكتب لأننا لم نُمنح دومًا فرصة للبوح. نكتب لأننا خُلقنا في عوالم تُقدّس الصمت وتخشى المواجهة. نكتب لأننا نحتاج أن نعرف: من نحن؟ وكيف و...

بوصلة الذات

في زحمة الأيام، وكثرة الانشغالات، وتسارع وتيرة الحياة المرعب الذي لا يجعلك في موقفًا تستمع به لذاتك، تضيع أحيانًا أكثر الأشياء عمقًا فينا. نمضي كمن يسير على عجل، نخوض التجارب، نلاحق الأهداف، ونبحث عن الرضا في أعين الآخرين، بينما نصمّ آذاننا عن أصدق صوت في داخلنا، هو صوتنا الداخلي الذي أراه هو البوصلة لذاتك، وهو الدليل في داخلك حين تضيع.  ذلك الصوت الهادئ والحدس، الذي لا يُجامل ولا يترك محلاً لذلك، هو لا يعلو ولا يصخب، لكنه حاضر دومًا، ينتظر فقط أن نجلس مع أنفسنا بصدق لنسمعه. في عالم يُعلّمك كيف تُرضي الآخرين، لكنه نادرًا ما يُعلّمك كيف ترضى عن نفسك، يصبح صوتك الداخلي دليلك الوحيد في طريق العودة إليك. بين كل فكرة وأخرى، وبين كل لحظة اختيار، يوجد ذلك الصوت الخافت، يرشدك لا بدافع المصلحة، بل بدافع الحقيقة. لكن لا بد أن تمنحه الفرص، أن تصغي إلي، أن تحترمه، حتى لو خالف ما يقوله الجميع. في كل تجربة تمرّ بها، في كل خطأ ترتكبه، في كل ندمٍ يوقظك، هناك رسالة، وهناك فرصة للنضج. فلا شيء يُعدّ ضياعًا حين تكون على صلة حقيقية بذاتك، ولا وقت يُهدر، ما دمت تتعلّم من صوتك، لا من ضجيج الآخرين.