لماذا أصبحت العزلة ضرورية أحيانًا ؟
في عالمٍ يزداد ازدحامًا بالصوت والصورة والكلمة، أصبحت العزلة خيارًا حتميًا لا رفاهية. العزلة لم تعد تعبيرًا عن الضعف أو الهروب من التواصل الاجتماعي، والانغماس بالحياة الروتينية التي تؤدي إلى الملل والانصات الطويل غير المفيد، بل تحولت إلى أداة للنجاة الفكرية والنفسية وسط ضجيج وازدحامًا لا ينتهي. نحن نعيش اليوم في زمنٍ يعج بالتواصل السريع والمعلومات المتدفقة بلا انقطاع، وفي هذا الزخم، تغدو العزلة لحظة استرداد للنفس، كأنها عملية إنقاذ عقلية لاستعادة ما يفلت منا من تفكير هادئ وتأمل عميق. الصمت الذي كنا نراه فراغًا أصبح الآن ضرورة لترتيب الفوضى الداخلية التي تخلفها الضوضاء المستمرة، العزلة التي نحتاجها اليوم ليست انسحابًا من المجتمع، بل انسحابًا واعيًا من تشتت الحواس والأفكار، بل هي اختيار مؤقت للتواصل مع الذات بدلاً من العالم، لإعادة ضبط الإيقاع الداخلي بعيدًا عن الضغوط الخارجية. إنها مساحة خالية من مطالب الآخرين، من معايير المقارنة، ومن صخب الأخبار، تتيح للإنسان أن يسمع صوته الحقيقي من جديد. العزلة ليست فقط راحة للروح، بل مختبر للأفكار. أعظم التحولات الفكرية عبر التاريخ وُلدت في لحظات عزل...