بوصلة الذات
في زحمة الأيام، وكثرة الانشغالات، وتسارع وتيرة الحياة المرعب الذي لا يجعلك في موقفًا تستمع به لذاتك، تضيع أحيانًا أكثر الأشياء عمقًا فينا. نمضي كمن يسير على عجل، نخوض التجارب، نلاحق الأهداف، ونبحث عن الرضا في أعين الآخرين، بينما نصمّ آذاننا عن أصدق صوت في داخلنا، هو صوتنا الداخلي الذي أراه هو البوصلة لذاتك، وهو الدليل في داخلك حين تضيع. ذلك الصوت الهادئ والحدس، الذي لا يُجامل ولا يترك محلاً لذلك، هو لا يعلو ولا يصخب، لكنه حاضر دومًا، ينتظر فقط أن نجلس مع أنفسنا بصدق لنسمعه. في عالم يُعلّمك كيف تُرضي الآخرين، لكنه نادرًا ما يُعلّمك كيف ترضى عن نفسك، يصبح صوتك الداخلي دليلك الوحيد في طريق العودة إليك. بين كل فكرة وأخرى، وبين كل لحظة اختيار، يوجد ذلك الصوت الخافت، يرشدك لا بدافع المصلحة، بل بدافع الحقيقة. لكن لا بد أن تمنحه الفرص، أن تصغي إلي، أن تحترمه، حتى لو خالف ما يقوله الجميع. في كل تجربة تمرّ بها، في كل خطأ ترتكبه، في كل ندمٍ يوقظك، هناك رسالة، وهناك فرصة للنضج. فلا شيء يُعدّ ضياعًا حين تكون على صلة حقيقية بذاتك، ولا وقت يُهدر، ما دمت تتعلّم من صوتك، لا من ضجيج الآخرين.