القراءة كعلاج نفسي

عن قوة القرّاء يقول ألبرتو مانغويل. {قوة القرّاء لا تكمن في قدرتهم على جمع المعلومات، أو في قابليتهم في الترتيب والفهرسة، بل في موهبتهم في تفسير وتوحيد ما يقرأون.}

قبل مدة ليست بالطويلة، كتبتُ عن الكتابة كعلاج نفسي، كعلاج مهم لدى الفرد مقابل ممارسة الكتابة لتصبح علاجاً واضحاً في العلاج النفسي، وقد شرّحت هذا المقال إلى عدّة فصول لأبيّن للقارئ أهمية هذا العلاج المنسيّ، والحسن من نوعه والمعاصر كذلك. 

إذْ لم يُصبح علاجاً يُمكن الاعتماد عليه في العلاج النفسي، إنما هي مبادرة شخصيّة ومن خلال قراءة طويلة استنتجت هذه الفكرة المتواضعة. 

وقد أخبرني أحدهم كيف للكتابة أن تصبح علاجاً نفسيًا دون أن يكون للقراءة دور؟ أو تتفرّع لوحدها. 

وقد لامستني هذه الفكرة بوضوح بعد أن سكنت أحدهم هذه الفكرة، وفي الحقيقة أنا كنت أمام خيارين أمّا الكتابة عن الكتابة كعلاج نفسي أو القراءة. 

فذهبتُ إلى الشيء الذي اجيده أكثر، فكانت الكتابة. ولكن هنالك ترابط واضح بين القراءة والكتابة، ولأن العلاقة تكاملية، إذْ إن الكتابة ابنة القراءة، فهي وليدة القراءة. 

كان لا بد أن أجعل للقراءة دور في هذا العلاج النفسي، طالما القراءة وليدة الكتابة. 

وفي الحقيقة لا أريد التوسّع في هذا المقال المُشابه لمقالٍ آخر، أردت أن أمضي مثل المقال المُشابه حتى لا يتوسّع الأمر ويصبح أكثر تعقيدًا عكس المقال الذي كُتب. 


الوضوح الآمن: 

إن القراءة مفعمة بالفهم، إنها تحاول أن تجعل نمط أو صورة العالم أكثر وضوحًا لديك، كذلك فهم الأحداث الأساسية والثانوية في حياتك، إنها تُفسّر الماضي من خلال المشاهد التي تسكنك.

إن القراءة حالة من الأنس مع الذات، أكثر انفرادًا وعزلة مع ذاتك، أكثر محاولة لفهم نفسك، وفهم الآخرين، من خلال القراءة يمكنك أن تُشرّح أو قراءة الفرد من خلال الصورة التي تركتها في عقلك لفهم الناس، بشكل خاص. 


الألم المكبوت: 

إن القراءة متعة بحد ذاتها، وكل متعة هنالك تأثير إيجابي لها في لياقة الصحة النفسية لدى الفرد. 

القراءة عملية تشفير للمشاهد المؤذية في مخيّلتك، إنها عملية حسنة القراءة، دون مبالغة هكذا فعلت بي. 

ولا أود أن أجعل هذا السلوك كمبالغة بالتأكيد، إنها عملية فعّالة أو سريعة التحضير، أي أن تصبح حاضرة تلقائية في التفاعل، ربما وربما عكس ذلك، إنها تجربة ذاتيّة، تتفاعل مع شخصيتي، ولأجل هذا دوّنت هذه الخاطرة، التي اعتبرها مهرب، من بين كل الأشياء أو العادات الحسنة في حياتي، إنها تجعل العقل في مكانه الصحيح، أو تجعله يؤدي مهامه كما يجب أو كما تريد النفس، إنها عادة فعّالة حسنة. 


تفكيك الإنسان: 

كما أن الكتابة عملية تفكيك، كذلك القراءة، إنها تُفكك الإنسان، تجعله أكثر انصاتًا للوجود، أكثر شعورًا بكل الاتجاهات، أكثر تواصلاً مع العالم، إنها القراءة، ملجأ التائهين، ومهرب المتعبين. 

عندما تتحوّل من كائن منصت، إلى كائن مشارك. هذه عملية تفكيك. كما أن القراءة تسهم بشكل فعّال، في هذه النقطة. 


الجانب الإدراكي: 

كما أن الكتابة لديها جانب حسي قوي، أو كيفية استخدامه في هذا الجانب. 

في القراءة، تسهم في بناء الادراك بشكل فعال وواضح، يصبح الاتصال الوحيد في العالم، من خلال الادراك، الذي خلفته القراءة.

وهي قوة ناعمة، في تطور الوعي، وكيفية استخدامه في بناء المشهد، أو دون ذلك، لأنه خيار شخصي، لا تفرض عليك القراءة هذا الأمر. 

إن عملية الإدراك، عملية معقدة، إنها ذات طريق طويل، ولا تعلم أي المحطات التي سوف تُغذيك، دون أن تضرك. 

لا بد من النزيف الطويل في كل شيء، إذا أردت نتائج جيّدة. 

إن القراءة بداية الإدراك، كنت أقول ذلك، ولا زلت على هذا القول

لكن لا بد من الاستخدام الصواب، والإدارة الجيدة. دون عكسها التي لا تسمن ولا تغني من جوع.  

نختم بقول فرجينا وولف، الذي أعتبره غاية في الأهمية، إنها ذات بلاغة في الاختصار، والذي أعتبره نصيحة لكن من أراد أن يقرأ، أو يتبع أسلوب معيّن دون التوسّع في عالم القراءة، إنها نصيحة في كل المستويات القرائية. {هي ألا يتبع أي نصيحة، هي أن تتبع حواسك، أن تستخدم عقلك، وأن تتوصل إلى استنتاجاتك الخاصة.}

تعليقات

  1. لا فظ فوك .. ألفاظ منتقاة وأسلوب رائع وربط جميل .. موفق أخي ومستقبل مشرق ..

    ردحذف
  2. كلام رائع وجميل جداً وكلماتك نوع من انواع السعاده تمنحها دائماً

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بناء العادات

فن التعبير وأداة التواصل

بوصلة الذات