الهدوء في زمن الفوضى

وسط ضجيج الحياة وصخبها التي لا تهدأ، والذي يجعلك بعيدًا عن ذاتك وعن الهدوء الكبير في داخلك، نكتشف حينها أننا نعيش في عالم لم يعد يعرف الصمت. 

كل شيء حولنا يركض بسرعة ودون توقف له ولا يُسمح له بتاتًا الوقوف، وكأن الصمت تهمة يجب محوها بأي صوتٍ عابر، ومع ذلك، يظلّ في داخل كل واحدٍ منّا توقٌ دفين للحظة هدوء، للحظة يلتقي فيها الإنسان بنفسه بعيدًا عن كل ضوضاء.

الهدوء ليس لمجرد الهدوء لذاته، بل هو حالة وعي، حالة صافية تنسجم النفس مع ذاتها، حيث التناغم الكبير الذي يحدث بين القلب والعقل، ويتنفس المرء بعمقٍ كأنه يعود إلى ذاته من جديد،  تلك اللحظة التي يتوقّف فيها الزمن قليلًا، فنسمع أنفاسنا، ونبصر تفاصيل كنا نغفلها، ونشعر أنّ للحياة وزنًا ومعنى.

إن غالبية الفوضى التي بداخلنا هي نابعة من أفكارٌ متراكمة، قلقٌ من المستقبل، عدم توازن الحاضر، الهروب من الماضي، تردّد بين القرارات التي تخطط لها، شعور بأننا نلاحق كل شيء ولا نمسك بشيء. هذه الفوضى الخفية هي الأشد إنهاكًا، لأنها تلتهم صفاءنا دون أن نشعر.

الهدوء في زمن الفوضى ليس خيارًا عابرًا، بل أسلوب حياة. هو التوازن الذي يمنحنا القوة لنعيش وسط الضجيج دون أن نفقد أنفسنا، لنصغي للعالم دون أن نصمّ عن صوت أرواحنا. وعندما نغدو أصدقاء للهدوء، نصبح أقدر على مواجهة كل عاصفة بابتسامة واثقة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بناء العادات

بوصلة الذات

فن التعبير وأداة التواصل