كيف تصنع الكلمات حياة جديدة ؟
في أيامنا البسيطة التي نعيشها، هنالك تفاصيل صغيرة مُحمّلة في زوايا يومنا، يذوب في الزحام، وبعضها يترك أثرًا لا ننساه. عند الإمعان بها نكتشف أن هذه التفاصيل لم تكن عابرة أو عادية الحضور كما كنا نظن.
الكتابة هي وسيلتنا لنلتقط ما يفلت، لنحفظ ما كاد يتبخر، هي فنٌ للالتقاط للأشياء التي لو تركناها للحظة لذهبت دون أن نعلم.
هذه كلها أشياء صغيرة، لكنها في الكتابة تتحول إلى نسيج عميق يحملنا نحو فهم أنفسنا والعالم من حولنا.
ما أجمل أن تعيش الشيء دون أن يكون لذاته، بسببٍ حدثًا كبيرًا، أو قراءة مشهد وجب ذلك، بل أن يُنفّذ دون أن يُطلب منك، مثل ابتسامة عابرة نصًا يُقرأ، ومن شعور داخلي فكرة تُلهم، ومن صمتك جملةً تقول ما عجزت عنه. حيث أن الكتابة هنا لا تكون مجرد هواية أو عادة، بل تصبح حياة أخرى موازية، أكثر صفاءً، وأقرب إلى القلب.
وحين نتأمل، نكتشف أن الكتابة ليست فنًا نخاطب به الآخرين فقط، بل هي حوار داخلي صادق نابع من أعماقنا ومن أحاديثنا الداخلية التي لم ننصت لها بعد.
هي المرآة التي نرى فيها وجوهنا كما هي، بلا تزيين ولا مجاملة. هي صوتنا حين نحتاج أن نسمع أنفسنا، ويدنا حين نبحث عن سند.
قد يظن البعض أن النصوص تولد من إلهام كبير، لكن الحقيقة أن أعذب النصوص تبدأ غالبًا من تفاصيل صغيرة، مثل فكرة مكتوبة على ورقة جانبية، جملة سقطت من ذهنك أثناء القراءة، أو حتى شعورٍ عابر الكتابة لا تطلب الكثير، هي فقط تنتظر قلبًا مفتوحًا وعينًا ترى.
في النهاية، تبقى الكتابة دعوة للعيش ببطء، للانتباه لما يمر أمامنا، ولصنع حياة أوسع من تفاصيل يومية ضيقة. هي طريقنا لنمنح البسيط قيمة، ولنجعل من السطر الصغير حياة كاملة.
تعليقات
إرسال تعليق